وعدم اعتنائهم بنبيهم وبسماع خطبته وصلاة الجمعة معه، وهما واجبان وهو يشاهدهم ويعلم بهم لأجل تفرج على عير وسماع الطبل ولهو، فهل يبعد منهم أن يخالفوا أمره طلبا للملك والرئاسة بعد وفاته، فليعتبر العاقل فإن في ذلك معتبرا، وأيم الله إن بعض المشايخ والوعاظ لو كان مقبلا على أصحابه يعظهم ويخوفهم فسمعوا بلهو أو طبل لاستحوا وهابوا أن يخرجوا لأجل أمر مباح، وإن لم يكن في خروجهم ترك واجب، فما ظنك بمثل سيد المرسلين وسماع خطبته وصلاة الجمعة معه والخروج وهو يشاهدهم أو في الصلاة لأجل تفرج على عير وسماع لهو؟ وعند التحقيق هذا أقبح من فرارهم من الزحف لأن الفرار وإن كان كبيرة، لكن فيه بقاء نفس وأما هذا ففيه من قلة الحياء الجرأة على الله وعلى رسوله ما لا يمكن حده ويكفي من ذلك ترجيح التفرج على العير وسماع الطبل واللهو على سماع خطبة النبي وصلاة الجمعة معه الواجبين فاعتبروا يا أولي الأبصار.
فهل يستبعد ممن هذا شأنه في حياة نبيه وهو يشاهده ميله بعد ذلك إلى الملك والرئاسة وارتكاب إثم لذلك، فهذا وأمثاله وهي كثيرة، عذر الشيعة في سبهم بعض الصحابة الذي ثبت عندهم أنهم فعلوا مثل ذلك وهو عندهم عذر واضح، ولهم مع ذلك كتب مدونة مطولة مشهورة تحتوي على أدلة كثيرة من الكتاب والسنة تجوز لهم سب من يسبونه، وقد نقل جميع ذلك أهل السنة ولكن يغمضون العين عنه أو يتأولونه بما لا يفيد، ويقولون إنه ما ذكرناه وأمثاله فإن كان كافيا في جواز سبهم فلا لوم، وإلا فغاية الأمر أن يكونوا مجتهدين مخطئين مثل بعض الصحابة والتابعين.
وهذا معاوية وبنو أمية لعنوا عليا (1) ثمانين سنة (2) ولم يفعل شيئا من ذلك،