وللمسلمين بمثل هذه التهمة، واعتباره كافرا مع كونه موحدا حقيقيا وإنسانا كاملا، فمن ذا الذي دافع عن النبي (صلى الله عليه وآله) يوم هب جميع كفار قريش لمحاربته ومحاصرته اقتصاديا، غير أبي طالب (عليه السلام)؟
ابتسم الأستاذ قائلا:
أولا: ليس من الصحيح اتهامنا بمثل هذه التهمة، فنحن نرى عليا من أفضل الناس وأخلصهم، ونعتبره على كل حال أحد خلفاء الرسول (صلى الله عليه وآله)، فنحن إذن لا عداوة لنا معه حتى نعتبر أباه كافرا، ثم إنه كان شخصا عطوفا وكثير المحبة لمحمد (صلى الله عليه وآله)، ولهذا السبب كان يدافع عنه حتى وإن لم يؤمن بدينه، وهذا الطرح لا ينطوي على أية مشكلة.
قلت: بل ينطوي على مشكلة كبرى، فالرسول (صلى الله عليه وآله) أساسا لا يمكنه التعويل على كافر، أو أن يحظى بحمايته على ذلك النطاق الواسع، ألم تقرأوا قوله تعالى في القرآن الكريم: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) * (1).
قال: هذه الآية تعني اليهود والنصارى.
قلت: الواقع أن اليهود والنصارى أهل كتاب، فإن لم يكن تعالى قد أباح له موالاة أهل الكتاب والاستعانة بهم، فهو لا يجيز قطعا اتخاذ مشركي قريش حماة لنا، فضلا عن هذا فقد جاءت في القرآن آية أخرى تنهى عن هذه العلاقات العائلية، وتحذر من موالاة الآباء والإخوة - فما بالك بالأعمام - إذا كانوا كفارا، أو إيجاد صلات وثيقة معهم: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم