قلت: إنه أخذ هذا البيت عن أبي طالب وضمنه في قصيدته في مدح الرسول، وإذا ما تجاوزنا كل هذا، هناك أيضا قصة استسقاء أبي طالب وعبد المطلب واستعانتهما بالرسول وهو لا زال طفلا، وهي قصة مشهورة، وهذا دليل واضح على إيمانهما له بالنبوة والرسالة الخاتمة من قبل أن تعرض قضية رسالته، فهما كانا يعلمان منذ اليوم الأول ما لهذا الطفل من منزلة وقرب عند الله.
كانت قد مرت على الناس سنتان لا ينزل عليهم الغيث، وأتت عليهم مجاعة، فأخذ أبو طالب هذا الطفل وتوجه به إلى الكعبة وقسم على الله به وقال: " اللهم بحق هذا الطفل أنزل علينا غيث رحمتك ".
لم تمض ساعة إلا وغمامة سوداء قد غطت سماء مكة وأمطرت عليهم مطرا غزيرا حتى خافوا أن يجرف السيل بيت الله.
لما تذكر أبو طالب هذه القصة، قال في مدح الرسول:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل وميزان عدل لا يخيس شعيرة * ووزان صدق وزنه غير هائل (1) لم أكن قد أتممت كلامي حتى وجدت الصف كله مصغيا لأشعار أبي طالب ذات المغزى العميق، وهناك رن الجرس فجأة معلنا انتهاء الدرس، وتنفس المدرس الصعداء، ومع هذا فحينما خرجت من الصف التفت إلي باحترام وقال:
إنني لأشعر بالارتياح لوجود طالب مثلك بين طلابي له مثل هذه المعرفة بمواضيع العقيدة والتاريخ ويستدل بهذه الطريقة الحسنة، وإني لأفتخر بطالب