ونظن أن الفقرة الأخيرة هي من كلام عمر أبي النصر، لا من كلام مؤلف كتاب " الإسناد في معرفة حجج الله ". (والظاهر أن الصحيح هو: الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، وهو كتاب الإرشاد للمفيد رحمه الله).
ومهما يكن من أمر فإن من الواضح: أن هذه إهانة صريحة للزهراء، بأنها (ع) قد جزعت من قضاء الله سبحانه إلى هذه الدرجة.
مع أنها (ع) أتقى وأبر من أن يتوهم في حقها الجزع الذي يصل بها إلى حد التفريط بجنينها وقتله، وهي المرأة الصابرة المحتسبة، التي تقول لنسوة بني هاشم حين اجتمعن، وجعلن يذكرن النبي (ص):
" اتركن التعداد، وعليكن بالدعاء " (1).
وقد أوصى رسول الله (ص) فاطمة (ع)، فقال: " إذا أنا مت فلا تخمشي علي وجها، ولا ترخي علي شعرا، ولا تنادي بالويل، ولا تقيمي علي نائحة " (2).
وقد أوصاها أيضا في هذه المناسبة بقوله: " توكلي على الله، واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء " (3).
ولم تكن الزهراء (ع) لتخالف أمر أبيها، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين. ولا يمكن أن نتصورها تعصي الله انسياقا وراء عواطفها...