الله وجهه فلم يسجد لصنم، ولم يعبد وثنا لحظة واحدة من حياته هو أفضل ممن شاب رأسه، وقضى أكثر عمره في عبادة الأصنام والخضوع للأوثان، فاختاره له إماما، وترك المفضول للذين لا يعقلون، ولا يفقهون حديثا. ولم يتبع اليهود، ويقلدهم في استبدالهم الأدنى بالذي هو خير، فيتناوله الخطاب الذي خاطبهم الله به، وأنبهم عليه، لما اختاروا المفضول على الأفضل، وعدلوا عن الأعلى إلى الأدنى والأسفل، فقال لهم (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) (1) (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (2).
إمامنا (عليه السلام) سبق إمامكم إلى الإيمان بالله والتصديق برسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) للسابق إلى الإيمان بالله تعالى، والتصديق برسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) منزلة عند الله تعالى سامية، يغبطه عليها ملائكة الله المقربون، قال الله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) (3). وقد نال إمامنا هذه المنزلة الشامخة، والمقام السامي الكريم عند الله تعالى بسبقه المسلمين إلى الإيمان بالله، والتصديق بنبوة رسوله الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل ما جاء به من عند الله تعالى، فكان أول من أجاب الدعوة، وثاني من عبد الله وحده، والناس بعد على عبادة الأصنام عاكفين.
ولم تكن هذه أول مزاياه وفضائله، ومناقبه وخصائصه، فقد سبق المسلمين بغيرها، واختص بفضائل ومزايا سواها، لم يشركه فيها أحد من المسلمين، فكانت ولادته في الكعبة المقدسة قبلة المسلمين، ونشأته في بيت الوحي والرسالة، فتأدب بآداب صاحب الدعوة الإسلامية، وكان باب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وزوج فاطمة الزهراء الطهر البتول سيدة النساء، واختصاصه بعدم السجود للأصنام ولا لحظة واحدة من حياته كلها، وغير ذلك من خصائصه وفضائله ومناقبه، مما ستتعرف على