فإذا كنت يا أبا بكر تعترف بعجزك عن القيام بعب ء الخلافة لفقدك مؤهلاتها، حيث لا بد لمن يخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقوم مقامه من العلم والثبات والاستقامة، والعصمة من الشيطان الرجيم ليأمن من الزيغ عن الحق والعدل، وأنت تعترف بخلوك من كل هذه الصفات، وتعترف أيضا إنك لست بخير من غيرك من المسلمين، فما الذي حملك على الإصرار على ملازمة المقام في الخلافة حتى الموت، لولا حرصك الشديد عليها، ورغبتك فيها، فكيف تحلف بالله تعالى كاذبا إنك تود لو أن غيرك كفاك أمرها؟
إذا لم تكن حريصا على الخلافة كما تزعم فلماذا أمرت بقتال من تخلف عن البيعة لك؟
روى أحمد بن زيني دحلان عنك أنك قلت بعد أن نلت الخلافة: والله ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا ليلة قط، ولا كنت راغبا فيها، ولا سألتها والله في سر ولا علانية (1).
لقد كذبت والله يا أبا بكر في قولك هذا، والدليل على ذلك أنك ذهبت إلى سقيفة بني ساعدة - خوفا من أن يتم أمر الخلافة إلى غيرك - وذلك قبل أن يدفن الرسول (صلى الله عليه وسلم) وبعد إن تم الأمر لك فيها أمرت عمر بقتال من تخلف عن البيعة لك، فلو كنت صادقا في قولك لما أسرعت في الذهاب إلى السقيفة. ولما أمرت عمر بقتال من تخلف عن البيعة لك كأينا من كان، ولتركت الناس أحرارا في قبول خلافتك ورفضها. هذا أحمد ابن محمد بن عبد ربه وهو من أولياءك وأتباعك يقول: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر علي، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس فقعدوا في بيت