ندمت حيث لا ينفعك الندم يا أبا بكر ولما رقيت مقام الخلافة، وتخلف الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومن تخلف معه من البيعة لك، لعدم استحقاقك المقام الذي شغلته، أرسلت خليفتك عمر بن الخطاب إلى بيت الإمام وفاطمة عليهما السلام، وأمرته بإخراجهم منه لأخذ البيعة منهم لك على أنك خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقلت له: إن أبوا فقاتلهم. وهم أهل بيت من قد عرفت فضلهم، وعظيم شأنهم ومنزلتهم عند الله تعالى وعند رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأقبل عمر بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار (1) إن امتنعوا من ذلك. فلم ترع أنت، ولا صاحبك لفاطمة بنت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبضعته حرمتها، ولا حرمة زوجها ابن عم رسول الله، ولا حرمة بيتها الأقدس.
ولما دنى موتك، وحضر أجلك، وشاهدت أمارات دالة على ما ستلاقيه بعد موتك، أظهرت الندم على سوء ما عملته، وعظيم جرم اكتسبته، في حق أهل بيت محمد صلى الله عليه وعليهم، فقلت: فليتني تركت بيت علي وإن كان أعلن علي الحرب (2) وفي رواية الطبري أنك قلت آنذاك: فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شئ وإن كانوا قد غلقوه على الحرب (3).
هيهات هيهات يا ابن أبي قحافة، فإن ندمك في ساعة الاحتضار لا يجديك، وإن توبتك عن سوء صنيعك مع عترة نبيك آنذاك لا تنجيك، قال الله تعالى (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة - وأنت يا أبا بكر عملت ما عملت مع أهل البيت (عليهم السلام) عن علم بهم ومعرفة بمنزلتهم عند الله وعند رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) - ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم، وكان الله عليما حكيما. وليست التوبة للذين يعلمون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن، ولا الذين يموتون وهم