إتيانه وأكله معه وهو أمر محسوس، مرئي، مثبت عند كل أحد، من علمه أن عليا (عليه السلام) متصف بهذه الصفة العظيمة، وزيادة الأحبية على أصل المحبة، وفي ذلك دلالة واضحة على علو مكانة علي (عليه السلام) وارتفاع درجته، وسمو منزلته، واتصافه بكون الله تعالى يحبه، وأنه (عليه السلام) أحب خلقه إليه، وكانت حقيقة هذه المحبة قد ظهرت عليه آثارها، وانتشرت لديه أنوارها، فإنه كان قد أزلفه الله تعالى من مقر التقديس، فإنه نقل الترمذي في صحيحه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا عليا يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس:
لقد أطال نجواه مع ابن عمه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ما انتجيته، ولكن الله انتجاه... (1).
وقال الشيخ منصور علي ناصف من علماء الأزهر معلقا على حديث الطير: فيه أن عليا (رضي الله عنه) أحب الخلق إلى الله تعالى (2). الرضوي: يعني بعد رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمن كان كذلك كان أحب الخلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا، فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يحب من يحبه الله، ويبغض من يبغضه الله تعالى، وكل من آمن بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حقا وأحبه فإنه يقتدى به في ذلك فيحب من يحبه الله ورسوله، ويبغض من يبغضه الله ورسوله، قال الله تعالى:
(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) (3).
ونحن الشيعة الإمامية لما كنا صادقين في محبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحببنا عليا (عليه السلام) وتوليناه، وأبغضنا من أبغضه وآذاه، اقتداء برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، مضافا إلى ذلك ما له (عليه السلام) من مكارم أخلاقية، وفضائل إنسانية، وخصائص نفسية تفرد بها عن جميع المسلمين وامتاز بها عليهم أجمعين، أوجبت علينا له المحبة والموالاة، والتقديم له على من سواه ممن هو دونه في جميع الصفات.
قال الأستاذ أحمد حسن الباقوري: لو أن سائلا سألك عن السبب في حب الناس عليا؟ لكان لك أن تجيبه جوابا يستمد الصدق من الحديث النبوي الشريف، فنقول