تحت الشجرة في حالة صلح الحديبية، إذ قال سبحانه:
* (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) * (1).
فالآية تعكس رضى الله سبحانه عن المؤمنين، لكنها لا تعني أنهم صاروا بذلك عدولا أتقياء إلى آخر عمرهم وإن عصوا وخالفوا أمره سبحانه، نعم ثبت رضاه سبحانه عنهم في فترة خاصة وهو حال المبايعة بشهادة قول: * (إذ يبايعونك) * وهو ظرف للرضا. فهذا المدح لهم لا يدل على ضمان صلاحهم واستقامتهم حتى آخر لحظة من حياتهم.
ولهذا إذا سلك شخص أو أشخاص منهم طريق الخلاف فيما بعد لم يكن رضا الله تعالى عنهم في طرف المبايعة دليلا على تقواهم المستمر، ولا شاهدا على فلاحهم الأبدي، لأن شأن هذا الفريق، ومقامهم ليس أعلى ولا أسمى من شأن ومقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال الله مخاطبا إياه:
* (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) * (2).
إن الآيات المادحة للمهاجرين والأنصار تبين ما حصل عليه هؤلاء الأشخاص من الكمال في تلك الحالة، ومن البديهي أنهم سيكونون مفلحين دائما إذا حافظوا على هذا الكمال إلى آخر لحظة من حياتهم.