ومن جانب آخر، فإن عقل الإنسان، وإن كان مؤثرا ومفيدا في سلوكه طريق الكمال، إلا أنه غير كاف لذلك.
ولو اكتفي في هداية الإنسان بالعقل وحده لما عرف الإنسان طريق الكمال بشكل كامل قط، ونذكر للمثال مسألة الوقوف على قضايا المبدأ والمعاد التي هي من أهم مسائل الفكر البشري، وقضاياه على مدار التاريخ.
فإن البشر يريد أن يعلم من أين جاء؟ ولماذا جاء؟ وإلى أين يذهب؟ ولكن العقل لا يقدر وحده على إعطاء الإجابات الصحيحة الكافية على كل هذه الأسئلة، ويشهد بذلك أنه رغم كل ما أحرزته البشرية المعاصرة من التقدم والرقي في ميادين العلم لا يزال قسم عظيم من البشرية وثنيين.
إن عجز العقل والعلم البشريين، وقصورهما لا ينحصر في مجال قضايا المبدأ والمعاد، بل الإنسان لم يتمكن من أن يختار الطريق الصحيح في كثير من مجالات الحياة أيضا.
إن اختلاف الرؤى والنظريات البشرية في قضايا الاقتصاد، والأخلاق، والعائلة، وغير ذلك من مناحي الحياة ومجالاتها، خير دليل على قصوره عن الإدراك الصحيح لهذه المسائل، ولهذا ظهرت المدارس المتعارضة.
مع أخذ كل هذا بنظر الاعتبار يحكم العقل الصحيح بأنه لا بد - بمقتضى الحكمة الإلهية - من بعث وإرسال قادة ربانيين، ومربين إلهيين،