يدخل الإيمان في قلوبهم، لذا كان الإمام علي (ع) يخشى من حرب تقع بين المسلمين إذا جرد السيف لمطالبة حقه بالخلافة والتي كانت له لا لغيره، أو المطالبة بفدك لفاطمة الزهراء (ع) أو مطالبة إرثها من أبيها رسول الله (ص) الذي منعوها من ذلك بحجة الحديث (ونحن معاشر الأنبياء لا نورث) وكأن الرسول (ص) لا يعلم بذلك فتركها هكذا دون علم ومعرفة فسكت علي (ع) وسكن لكي لا تقع حرب داخلية، لأنه كان يرى في المطالبة بحقه في تلك الظروف الزمنية زوال الدين وإفناء الإسلام لو وقعت حرب بين المسلمين. وقد كان أكثرهم ينتظرون الفرصة حتى يرتدوا إلى الكفر.
جاء في روايات أهل البيت والعترة الطاهرة (ع) أن فاطمة الزهراء (ع) لما رجعت من المسجد بعدما خطبت خطبتها العظيمة وألقت الحجج على خصومها، خاطبت أبا الحسن (ع) وهو جالس في البيت فقالت: يا بن أبي طالب، اشتملت شملة الجنين وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، وخانك ريش الأعزل فأجابها علي (ع): نهنهي عن نفسك يا ابنة الصفوة وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني ولا أخطأت مقدوري. فإن كنت تريدين البلغة فرزقك مضمون وكفيلك مأمون. وما أعد لك أفضل مما قطع عنك.
قالوا: فبينما علي (ع) يكلمها ويهدؤها وإذا بصوت المؤذن ارتفع، فقال لها علي (ع): يا بنت رسول الله (ص) إذا تحبين أن يبقى هذا الصوت مرتفعا ويخلد ذكر أبيك رسول الله (ص) فاحتسبي الله عز وجل واصبري. فقالت (ع): حسبي الله. وأمسكت.
وأقرب تأكيد واعتبار على ما أقوله هو ما نقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 1 / 307، ط. إحياء الكتب العربية عن المدائني عن عبد الله بن