الزبير يترك طلحة والأمر، ولا كان طلحة يترك الزبير والأمر، وعلى ذلك كان طلحة والزبير يتنازعان الأمر.
تبع عائشة رضي الله عنها أمهات المؤمنين إلى ذات عرق فبكوا على الإسلام فلم ير يوم كان أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم، فكان يسمى (يوم النحيب). فلما بلغوا ذات عرق لقي سعيد بن العاص مروان بن الحكم وأصحابه بها. فقال: أين تذهبون وتتركون ثأركم على أعجاز الإبل وراءكم؟ (يعني عائشة وطلحة والزبير) فقال: إن ظفرتما لمن تجعلان الأمر؟ أصدقاني، فلا نجعله لأحدنا: أينا اختاره الناس. قال بل تجعلونه لولد عثمان، فإنكم خرجتم تطلبون بدمه. فقالا: ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأيتام؟! قال: فلا أراني أسعى إلا لإخراجها من بني عبد مناف، فرجع ورجع عبد الله بن خالد بن أسيد. وقال المغيرة بن شعبة: الرأي ما قال سعيد، من كان ههنا من ثقيف فليرجع، فرجع.
معلوم أن عائشة ومن معها خرجوا للمطالبة بدم عثمان لكنهم قبل أن يشتبكوا مع علي في قتال، وقبل أن يعرفوا على من تكون الدبرة اختلفوا فيمن يتولى الخلافة فيما إذا انتصروا، أو هزم علي رضي الله عنه. هذا وعائشة تندب الإسلام وتبكي وتبكي حتى علا النحيب.
جمل عائشة رضي الله عنها:
مضى القوم قاصدين البصرة، ومعهم أبان والوليد ابنا عثمان. وأعطى يعلى بن منية عائشة جملا اسمه (عسكر) اشتراه بثمانين دينارا فركبته.
وقيل: بل كان جملها لرجل من عرينة. قال العرني: بينما أنا أسير على جمل إذ عرض لي راكب، فقال: أتبيع جملك؟ قلت: نعم. قال: بكم؟ قلت: بألف درهم قال: أمجنون أنت؟ قلت: ولم؟ والله ما طلبت عليه أحدا إلا أدركته، ولا طلبني وأنا عليه أحد إلا فته. قال: لو تعلم لمن نريده؟ لأم المؤمنين عائشة. فقلت: خذه بغير ثمن. قال: بل ترجع معنا إلى الرحل فنعطيك ناقة ودراهم. قال: فرجعت معه