فلما ذكر لهم أنه إنما اختاره لتميزه عن كافة أهل الفضل علما ومعرفة وحلما مع صغر سنه نازعوه في اتصاف محمد الجواد بذلك، وطلبوا منه اختباره بمعرفة يحيى ابن أكثم. فلما امتحنه أجابه إجابات سديدة فقالوا: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
فقال المأمون: قد عرفتم الآن ما تنكرون عليه، والحمد لله على ما من به علي من السداد في الأمر والتوفيق في الرأي، وأقبل على أبي جعفر وقال له: إني مزوجك ابنتي أم الفضل رغم أنوف القوم، فاخطب لنفسك فقد رضيتك لنفسي وابنتي.
فقال أبو جعفر: الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا بوحدانيته، وصلى الله على سيدنا محمد سيد بريته، والأصفياء من عترته. أما بعد فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم).
ثم إن محمد بن علي بن موسى خطب إلى أمير المؤمنين عبد الله المأمون ابنته أم الفضل وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو خمسمائة درهم جياد - فهل زوجتني يا أمير المؤمنين إياها على هذا الصداق؟
قال المأمون: زوجتك ابنتي أم الفضل على هذا الصداق المذكور. فقال أبو جعفر:
قبلت نكاحها لنفسي على هذا الصداق المذكور.
وبعد أن انصرف الناس تقدم المأمون بالصدقة على الفقراء والمساكين، ولم يزل عنده محمد الجواد معظما مكرما إلى أن توجه بزوجته أم الفضل إلى المدينة المشرفة.
ومنهم الفاضل الدكتور داويت. رونلدسن في " عقيدة الشيعة " تعريب ع. م.
(ص 197 ط مؤسسة المفيد، بيروت) قال:
والأهم لحياة الإمام محمد التقي هو أن المأمون بقي يميل إلى التشيع حتى بعد أن