أخبروني، أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته، أو بقصاص من جراحة؟ ".
فأخذوا لا يكلمونه لأنه أقام عليهم الحجة، فنادى:
يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار واخضر الخباب (لحاء الشجر) وطمت الجمام (فاض الماء الكثير) وإنما تقدم على جند لك فأقبل.
فقالوا: لم نفعل، فقال: سبحان الله، بلى والله لقد فعلتم، ثم قال:
فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض، فقال له قيس بن الأشعث: أولا تنزل على حكم بني عمك، فإنهم لن يروك إلا ما تحب ولن يصل إليك منهم مكروه. فقال له الحسين: أنت أخو أخيك، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟
لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد، عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون، أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.
ثم إنه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها وأقبلوا يزحفون نحوه.
لقد خطبهم الحسين رضي الله عنه وأعلمهم شرف مركزه، وتوسل إليهم أن لا يسفكوا دمه وأن يتركوه إلى مأمنه. ومن العجب حقا أنه كان فيهم نفر من الذين كاتبوه ليقدم ويبايعوه، فلما قال لهم ذلك أنكروا أنهم كاتبوه، وهو صادق فيما قال وهم كاذبون، ومع ذلك طلبوا إليه أن ينزل على حكم بني أمية ويسلم نفسه. فلما أبى قاتلوه، وكان من أشد الناس عليه شمر بن ذي الجوشن، أما الحر بن يزيد فإنه انضم إلى الحسين وكان شجاعا فارسا، فقال له الحسين: أنت الحر إن شاء الله في الدنيا والآخرة.