حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٨٨
كما يتحدث في أمر من أمور الحياة الواقعة التي لا تقلق البال ولا تشوش الخاطر، ولا من شأنها أن تشوش خاطرا أو تقلق بالا، فيطمئن عمار كما يطمئن الذين خلصت قلوبهم للإسلام، واستقرت بإيمانها استقرارا لا يرى الهول هولا مهما عظم.
ويعقد النبي مجلسه يشاور فيه أصحابه، ويرى ما عندهم لرد ما دهمهم من اليهود والمشركين، ويحضر المجلس فرسان الرأي وفرسان الحرب من مهاجرين وأنصار، فيطرح على البساط رأيان: أحدهما - لقاء العدو في (أحد) أو في مكان يلاقونهم إليه خارج المدينة، وثانيهما - التحصن بالمدينة (العذراء) فما غلبت في عقرها قط، ويفوز الرأي الأخير ثم يزيده رجحانا وأصالة انضمام سلمان الفارسي إليه بخطة أدهشت القوم حتى علت الصيحة بعد بسطه تتداعى سلمان، يقول المهاجرون: سلمان منا، ويقول الأنصار: سلمان منا، ويحجز النبي بين الفريقين فيقول: سلمان منا أهل البيت.
قال سلمان: أرى أن نستقر في المدينة، نحصن ثغورها، ثم نسورها بخندق يحول بيننا وبين القوم، فإذا حجزوا وراءه غلبناهم بالمطاولة وهزمناهم بالتدبير. وكان الوقت معنا دونهم، فنحن في مآمننا فلا تزعجنا هذه الرياح، ولا تربكنا هذه الأمطار، ولا يعادينا من (الشتاء) ما يعاديهم منه في مخيماتهم التي لا تكاد تثبت لعاصفة، ثم إن عندنا من الذخيرة والمؤن ما يكفينا إلى ما شاء الله، فلنلبث في بيوتنا، ولنغلق على مدينتنا
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست