أنفه منه بطرف ثوبه، ويحيد عن طريقه، ثم يستقبل عمله في المسجد، فيسمع إلى عمار يتغنى:
لا يستوي من يعمر المساجدا * يدأب فيه قائما وقاعد * ومن يرى عن الغبار حائدا ويسمع إلى النبي يردد قوافي الأغنية، فتحز الأغنية في نفسه شيئا بعد شئ حتى إذا هو يجدها تعنيه، وتعرض به، وتمسه مسا مباشرا، ولا يستطيع أن يقول لعمار - والنبي خلفه - شيئا، فينتظر فرصة يخلو به فيها، وتسنح الفرصة فيقول له:
(قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا بن سمية، والله إني لأراني سأعرض هذه العصا لأنفك أيها العبد). وتبلغ الحكاية رسول الله فيغضب ويقول: " ما لهم ولعمار!. يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار، إن عمارا جلدة ما بين عيني.. إن عمارا جلدة أنفي، فإذا بلغ ذلك - يعني قوله - الرجل - يعني عثمان - فلم يستبق فاجتنبوه ".
وشكا عمار ذات يوم فتأخر عن العمل، فقيل: إنه ميت من وعكته تلك، وسمع النبي مقالة المنافقين هذه، فنفض النبي لبنته وقال: " ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية " ولما عاد عمار إلى عمله أقبل عليه رفيقا به، مشتاقا إليه، وجعل يمسح رأسه ويقول: " تقتلك الفئة الباغية "، ثم طال بعد ذلك تعريض المنافقين بعمار، والتحدث عن موته، وطال تطمين النبي