الضيافة حدا، ويجعل الضيف والمضيف كلا في حل من صاحبه، يملك كل منهما حريته مستقبلين واجباتهما الثقيلة في تأسيس حياة مستقرة مستمرة.
من هنا انطلق النبي إلى ميدان التأسيس فبدأه ببناء مساكن صحابته المهاجرة، وبدأ تأسيس هذه المساكن ببناء مسجده:
بيت الإسلام المعنوي.
وكان عمار ضيف مبشر بن عبد المنذر حتى أقطعه رسول الله مكان داره وأعانه على بنائها.
وكان في المسلمين جماعة لم ينفذ الإسلام إلى أعماقهم، ولم يجاوز شفاههم إلى صدورهم، وإنما هم ممن دخل الإسلام طمعا، أو انحاز إليه بعدما تبين له أنه صفقة رابحة، يغنم من ورائه مالا ونفوذا، أو يطمح منه إلى منصب عظيم، وكان هؤلاء قوما غير قليلين، ولا ضعفاء ولم يكن الله ورسوله غافلين عنهم، أنزل الله فيهم قرآنا في سور كثيرة منه، أجمعها وأحصاها سورة براءة والمنافقين والأحزاب. لم يجهل النبي نفاقهم ولكنه عفا عنهم، بل متعهم بما متع به المؤمنين من الحقوق والواجبات عملا بمبادئه السلمية، التي لا تقول لمن ألقى السلم: لست مسلما، ولا تدوس حرمة الإسلام بتعزير معتصم به، محافظ على حدوده وقوانينه. وإن كانت هذه الحدود والقوانين قلقة في نفسه، مزعزعة في إيمانه.
وما كان عمار إذا ذكر هؤلاء إلا من صفوة المؤمنين، وجد