حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٦٧
سهم، وجمح، وأمية، وزهرة، وتيم، وعدي، فما بالك تقلقين على عمار، وهو مع هذه الطليعة من الفجر؟. هؤلاء الطيبون يؤنسون طريقه إذا استوحش (يا سيدتي) وينيرون ليله إذا أظلم، فله بهم أسوة حسنة، وحسبهم جميعا أنهم بعين الله، والله ولي ثوابهم.
قالت أم عمار: جزيت (أبا عمار) عن الإسلام خير جزاء الصابرين، والله لقد ربطت على كبدي وأطفأت نارها، وكنت أجد فيها أوار الوجد، وشعار الحنان، وكان يخيل إلي أنني أسمع هوي الأسواط وهي تختلف ضارية على جسم ولدي الناحل، فأكاد أحترق، جزيت خيرا، - أبا عمار - وها أنا أسمع هويها ولكني أرى معها اختلاف الملائكة تخلف كل سوط منهم طائفة فتمسح أثره بمناديل من رحمة الله ورضوانه، قم بنا إن ليلنا لطويل ولا يقصره شئ مثل الصلاة. وانسلا إلى مسجد عمار يحييان ليلهما قائمين قاعدين، راكعين ساجدين.
وما أفاقا! فقد كانا مستيقظين عندما طرق عليهما الباب من صباحهما الباكر. وتقول أم عمار في ابتهاج حزين، وابتسام شاحب: أتراها دعوة إلى زيارة عمار؟ فيقول ياسر: ألا تسمعين إلى الطرق الحاقد يضعضع الباب بجنونه، كأن الباب جلد له ابنا أو سب له أبا!، أو كأنه يسلفنا الرعب، ويسبق إلينا العذاب!. انهضي (أم عمار) على بركة الله، فقد طال غياب عمار، وقد هزنا الشوق إليه. ولم يكد يتم كلمته الأخيرة حتى تداعى الباب تحت الهجوم المنقض، واندفع منه غلمان كأنهم
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست