حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٥٦
كله - يا أبا أسامة - كما نعلمه أو أكثر، وهم إنما يحاربون هذا كله في محمد لا محمدا في شخصه، فلو ضمن لهم امتيازاتهم، وأقر لهم الاستعباد والامتصاص والاستبداد، لما اختلف منه اثنان في محمد وشأنه. لقد بلوتهم فوجدتهم تجارا لا فيما يرسلونه من هذه القوافل إلى الشام واليمن، تذهب بعروض، وتأتي بعروض، بل بآلهتهم التي يعبدون، لقد رأيتهم لا يضمرون (لهبل) وصويحباته من بنات الله، كما يزعمون، إلا السخرية والهزء والتغامز، ولكنهم يخدعون بها هذا السواد عن عقولهم، ويشترون بظاهر احترامها سيادتهم وامتيازاتهم، فلو اصطدمت هذه التماثيل الجوف بشئ من أنا نياتهم لرأيت مكانها تحت أقدامهم، وهي هشيم، هم إنما يعبدون أنفسهم بعبادتها ويدافعون عن أنفسهم بالدفاع عنها.
رأيت أبا جهل يؤدب أحد عبيده مرة فيبرح به، وسمعت العبد يحلف بهبل إنه لبرئ، ويحيل سيده إلى هبل بالسؤال عن براءته. أتعرف جواب أبي جهل؟ قال له: وما هو هبل يا لكع!
هل هو إلا عبد أقطع منحوس مثلك، اشتراه عمرو بن لحي سيد خزاعة (1) من بلقاء الشام ونصبه عليك وعلى أمثالك

(1) عمرو بن لحي سيد خزاعة انتزع الحكم من جرهم، وتولى (البيت) وأقبل بهبل من الشام، ثم أشاع عبادة الأصنام يجهل بها العامة استدامة للملك وكان جبارا خليعا مستهترا عمر طويلا وطمس خلال حكمه (حنيفية) إبراهيم عليه السلام، وأفضى الحكم بعده إلى قصي. وهبل كبير الأصنام في الكعبة صيغ من العقيق على هيئة شيخ ضخم وقور طويل اللحية قطعت يمينه فعوضته عنا قريش بيد من ذهب.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست