حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٣٣
قال عمار: يا أبتي رأيتك تعظم من بني هاشم ما لا تعظم من بني مخزوم، وقد أعلم أن بني هاشم أرفع مكانة، وأعز نفرا، ولكن مخزوما حلفاؤك، وذوو الفضل عندك، أليس من الوفاء لهم أن تحبس عليهم ميلك؟
فقال له أبوه: وصلتك رحم بابني. أنا إنما أعظم الحق بمعزل عن هاشم ومخزوم، ولو حدثتك بحديث القلب والعاطفة لكنت جديرا بالميل إلى أحلافي كما زعمت، ولكني أعلم أن ميلي العصبي ككل ميل عصبي، لا يغني عن الحق شيئا، ولا يغير منه شيئا، وقد رأيت بعيني رأسي وعيني يقيني - وهن أربع - أن الفرق بين هاشم وبين عامة قريش، وأفضلهم مخزوم، كالفرق بين إله هاشم وبين آلهة قريش، أولئك أرواح برة نشيطة عاملة مدركة، وهؤلاء تماثيل جامدة ثقيلة بغيضة فإذا تحركت لم تأت بخير.
خذ الحق - يا بني - حتى من نفسك، فورب عبد المطلب لو فارقتني أنت فيه لفارقتك، ولكان أعظم بري بك وحبي لك أن أدخلك عليه، أو أدخله عليك ما استطعت، فإن لم أستطع كان أعظم حبي لك وبري بك أن أرثي لحالك من بعيد، هذا قياس وفائي لمخزوم. أهبها قلبي وأمنع عنها عقلي إلا في الحق، فإن خالفت الحق رجوت لها أن تعرفه. وهذا أعظم الوفاء.
وبلغا من حوارهما هذا الحد.
(٣٣)
مفاتيح البحث: بنو هاشم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست