حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٣٥
فقال ياسر: ما شككت - يا بني - أن طفولتك تنفتح عن شباب رشيد، ولكن احفظ عني ما يمرتك به في صدر حديثي آنفا وانهض الآن فاقتص لنا أثر هذا الخبر، ما خطب هذا الهاتف يصابح (مكة) بهذه الشكوى المرة؟ وما عسى (مكة) أن ترد على هذا المظلوم من مظلمته الصارخة؟
ولما عاد ياسر قال لأبيه: لم يخطئ علمك ببني هاشم من صلاحهم شيئا. كان الهاتف رجلا من (زبيد) أقبل إلى الحاضرة ببضاعة ثمينة ابتاعها منه أبو عمرو العاص بن وائل السهمي، فآواها إلى بيته ولم يدفع ثمنها لأخي زبيد، ثم غيب وجهه. ويطلبه الزبيدي فيعجزه الطلب، ويبتغي متاعه فيمتنع عليه المتاع، ويلتمس بني سهم يشكو إليهم أخاهم فلا يجد وجوها، بل يجد أقفية، ويبلي في طلب حقه بلاء حسنا فيطوف على أندية قريش من ظهراء (سهم) فلا يجد غير اغتصاب على الاغتصاب، وغير ممالاة على الغزو المجرم، وغير عفو من الجميع عن العاص يشتري منه عفوا عن مثلها يأتيها حرب بن أمية، وأبي بن خلف وغيرهما من فتاك مكة وعصابتها وانتهى آخر الأمر إلى (أبي قبيس) يشكو أمره إلى قريش مجتمعة بعد أن شكا إلى أكثرها متفرقة راجيا أن يكون لشكواه المعلنة شأن وتأثير، ويرسله - كما سمعنا - صوتا يهوي من العلياء كما ينزل الصوت من السماء.
قال عمار متابعا: ولقد جهدت أن أحس وقع هذا الصوت العادل، وأرى إلى أثره المرجو في هذا الحرم من وطن
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست