حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٢٠٧
عرض على الجلادين، ثم نفي إلى الربذة، ومنع الناس من وداعه فلم يجرؤ على توديعه غير علي وعقيل والحسن والحسين وعمار. وكان مروان نفسه الشرطي الذي راقب تسيير أبي ذر ومارس منع الناس من تكليمه، وحاول منع هؤلاء الخمسة، ولكن عليا طرده، وودع أبا ذر بكلمة هون عليه فيها النفي، وأرهفه فيها للثبات، ثم قال لعقيل وعمار ودعا أخاكما، وقال لولديه ودعا عمكما، فودعه عقيل ثم الحسن ثم الحسين بكلام مبدئي على غرار كلام علي، ثم ودعه عمار فقال: (لا آنس الله من أوحشك، ولا آمن من أخافك، أما والله لو أردت دنياهم لأمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، ومالوا إلى ما سلطانهم عليه، والملك لمن غلب، فوهبوا لهم دينهم، ومنحهم القوم دنياهم فخسروا الدنيا والآخرة، ألا ذلك هو الخسران المبين).
* وعرضت هذه الحادثة عليا لغضب عثمان، وكان من قبل يتهمه ولكن لا يجد عليه مستمسكا. سب عثمان طلحة والزبير وعائشة وحفصة وسعد بن أبي وقاص، واشتد على عبد الرحمن بن عوف، ولم يترك أحدا ممن برز في معارضته إلا أصابه نحوا من الإصابة، غير علي فإنه لم يكن يعارض حبا بالمعارضة، بل كان يعارض من أجل الاصلاح لذلك كانت مواقفه سلمية من التزيد، بريئة من الإسفاف، ولعل هذا أعظم ما يحنق عليه عثمان، فلما كان وداع أبي ذر وجد المدخل فقد
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست