إلى ابن روح من الغد، وأنا أقول في نفسي: (أتراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه؟ فابتدرني فقال لي: يا محمد لئن أخر من السماء فتخطفني الطير، أو تهوي بي الريح في مكان سحيق، أحب إلي من أن أقول في دين الله تعالى برأيي ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل، مسموع عن الحجة عليه السلام (1).
وهل بعد هذا البيان من عذر أو حجة لمن يزعم بأنهم لا يعلمون على ما يقدمون، وأن دائرة علمهم ضيقة لا تحيط بالحوادث، ولعمر الحق إن القول بحضور علمهم لا يحتاج إلى كل هذه الحجج والبراهين بل إن البعض مما سلف كاف في الإيضاح عنه والكشف عن نقابه وإزاحة الشبهة فيه غير أن وفور الأدلة دعانا إلى استطراد البعض منها وإن أغني النزر منها.
علم الإمام يجب الاعتقاد به لما كان نصب الإمام واجبا على الله جل شأنه من باب اللطف، وكانت معرفته بعد وجوب واجبة أيضا، عقلا ونقلا، كانت تلك المعرفة له يجب أن تكون بشخصه كافة صفاته، بحكم العقل وصراحة النقل.
فإذا وجب هذا كله، وجب أن يكون الإمام أفضل الناس في جميع الصفات الحميدة، وإذا وجب هذا أيضا وجب أن يعتقد من يقول بالإمامة بأن الإمام جامع لصفات الفضل ممتازا بها على العالم بأسره.