ثم إن هناك مؤيدات للقول بحضور علمهم وصحة الجمع بين أدلة الجانبين، وتأويل النافي منهما، على نحو ما سبق، وهي أمور جمة نستطرد شيئا منها.
الأول:
علمهم منة منه وهي تقضي بالحضوري إن مما امتن به سبحانه على النبي وأهل بيته عليهم السلام، العلم سوي ما منحهم به من سائر الصفات الكمالية، والفضائل العظيمة، وإن مقتضى الامتنان والمنحة من ذلك القادر الذي لا يعجزه شئ أن يكون علمهم حضوريا، وتقييده بالإشاءة والإرادة خلاف التعميم بالمنة، ولأي شئ لا تكون منته عليهم على قدر ما كانوا عليه من الملكات القدسية، وعلى قدر تفضله وألطافه.. أفهل تحد قدرته ولطفه وفضله.
الثاني:
إن سائر صفاتهم غير مقيدة إن الله جل لطفه منح النبي وأوصياءه (ع) بصفات جليلة ومواهب سنية لا تجارى ولا تبارى، ولم يجعل لتلك الخصال الجمة حدا ولا قيدا، ولم يحصرها على دائرة، ولم يقصرها على زمن. فلأي وجه إذا نقصر علمهم دونها. ونحصره في دائرة خاصة سواها؟ فلو كان استعظام علمهم واستكبار شأنه، حدا ببعض الناس إلى تضييق