وإن النقل قد عاضد هذا البرهان العقلي، وفصل، وأبان غامضه حتى لا يبقى لذي وهم ريب، ولذي مسكة عذر، في الاعتقاد بوجوب وجود ذلك الهادي في الأمة.
قد جاءت الأفعال والأقوال ممن تجلبب تلك الصفات الكريمة وفقا لتينك الدلالتين من العقل والنقل، حتى يتضح للعالم أجمع أن من يجب أن يوجد لطفا منه تعالى بعباده متحليا بهاتيك الخصال الجملية والهبات القدسية، قد أصبح والوجود مفاض عليه، بحيث لو فحص عنه طالب الحق لوجده شخصا مرئيا وقالبا حسبا، لا يحيد عن تلك المزايا الجليلة قيد شعره.
ولو قام يخال بأنه برهان على أن ليس في البشر ممن يجمع هذه الخصال ويتقمص بهذه الصفات، أو أنها ليست بتلك السعة المزعومة. أو العلم منها خاصة، فهو مردود مرفوض، لمخالفته لجهتي العقل والنقل، بل وللوجدان: من فعل الإمام وقوله... فهل بعد هذه الحجج النيرة يصغى إلى شبهة، أو يلتفت إلى زعم...
وقعود الناس عن معرفة تلك الحجة البالغة، وسكوتهم عن طلب ذلك الإمام الهادي أو سلوكهم في غير سبيله، بعد سطوع نهجه، ووضوح أمره، لا ينقص من شأنه ولا يحط من كرامته، ولا يبطل حجته، ولا يفسد المصلحة التي من أجلها اختير وجعل إماما، ومن جرائها اصطفي وانتخب.
وعدم إظهاره أو تظاهره بذلك العلم المخزون والفيض الغمر