الإنذار والإعذار، فغرق جميع من طغى وتمرد ومنهم من ألقي في النار، فكانت عليه بردا وسلاما، ومنهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة، وأجرى من ضرعها اللبن، ومنهم من فلق البحر وفجر له من الحجر العيون، وجعل له العصى اليابسة ثعبانان تلقف ما يأفكون، ومنهم من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله وأنبأهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ومنه من انشق له القمر وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك. فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من أممهم عن أن يأتوا بمثله. كان من تقدير الله تعالى ولطفه بعباده وحكمته، أن جعل الأنبياء عليهم السلام مع هذه المعجزات في حال غالبين وفي حال مغلوبين وفي حال قاهرين وفي حال مقهورين، ولو جعلهم الله تعالى في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم، لاتخذهم الناس آلهة من دون الله تعالى، ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار. ولكنه تعالى جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين، وليكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد بأن لهم إلها هو خالقهم ومدبرهم، فيعبدوه ويطيعوا رسله وتكون حجة الله ثابتة على من تجاوز الحد فيهم، وادعى الربوبية لهم، أو عاند وخالف وعصى وجحد بما أتت به الأنبياء والرسل عليه السلام، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.
قال محدث هذا الحديث (محمد بن إبراهيم بن إسحاق): فعدت