الثالث: الغلو إننا لو اعتقدنا بأن النبي والأئمة عليه وعليهم السلام حاضر و العلم بالأشياء كافة. ما سبق منها وما هو آت إلى يوم الحشر. بل حتى يما هو في السماء من خبر. وبما بعد يوم القيامة من أثر. الأمر الذي يقف عنده اللبيب مبهوتا. ويبقى لديه العارف مذهولا، ولأمكن أن يقال بأن هذا الاعتقاد غلو فيهم. وخروج عن النمرقة الوسطى في الاعتقاد بهم. ولكن لو قلنا بأن علمهم وحضوره راجع إلى الإشاءة منهم. فإذا شاءوا أعلمهم تعالى بما أرادوا علمه لم يكن ذلك غلوا.
ولا خروجا عن الحد المعتدل.
الجواب عن الأول:
قد بينا في مقدمات هذه الرسالة الفرق بين علمه تعالى وعلمهم، وأن علمه تعالى عين ذاته، وأن علمهم صفة خارجة عن الذات زائدة عليها وأنه موهوب منه جل شأنه، وهذا لا ينافي أنهم لا يعلمون الغيب بالذات بل إنما يعلمونه بالتعليم والمنحة منه تعالى.
على أن التخصيص للكتاب بالسنة جائز ووارد. وقد جاء في المقام قوله تعالى: (إلا من ارتضى من رسول) وكان والله محمد ممن ارتضاه فالرواية بعد التخصيص شاهد على أن النبي كان يعلم الغيب مما أعلمه الله عز وجل.