أحيانا. حذرا من عدم قبوله أو عدم احتماله، أو خشية من العدو الحاسد وبطشه أو خوفا من غلو الناس وإفراطهم في الدعوة، لا يكون ذلك شاهدا على عدم الوجدان لذلك العلم أو عدم سعته، وما تحمل الإمام للمصائب والنوائب، وهو القدير على دفع ما مني به، ورفع ما نزل بساحته، إلا لتأكد الحجة على الخلق مع ما له من الحجج البالغة، وإلا لدفع أوهام الغلاة، ومزاعم المفرطين في الحب، الذين يخرجون الإمام عن مستوى البشر، ويلبسونه أبراد الأولوهية.
وقد كشف عن هذه الغامضة السفير الجليل الحسين بن روح عليه الرحمة وقد سأله سائل قائلا له، أخبرني عن الحسين بن علي عليهما السلام أهو ولي الله؟ قال: نعم. قال الرجل: أخبرني عن قاتله لعنه الله أهو عدو الله؟ قال نعم. قال الرجل: فهل يجوز أن يسلط الله تعالى عدوه على وليه، فقال له ابن روح: إفهم عني ما أقول لك، اعلم أن الله تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنه جل جلاله يبعث إليهم رسلا من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم، ولو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم، لنفروا عنهم، ولم يقبلوا منهم، فلما جاءهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، قالوا لهم: أنتم بشر مثلنا لا نقبل منكم حتى تأتونا بشئ نعجز أن نأتي بمثله، فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه. فجعل الله عز وجل لهم المعجزات التي تعجز الخلق عنها. فمنهم من جاء بالطوفان بعد