والاستبعاد، ولو جهلنا الحكمة في إنزال جبرائيل بالوحي لتأولناه بصريح العقل والنقل.
وهذه أقوى الشبه التي أوردوها لدفع العلم الحاضر وأقاموها لتأييد زعمهم بأنه موقوف على الإشاءة، وقد عرفت الجواب عنها والدافع لها.
زبدة المخض إن البرهان - العقلي دل - نظرا لحاجة الناس الماسة إلى وجود الهادي بين ظهرانيهم والمصلح لشؤونهم، والحاكم بالعدل بينهم، إلى ما سوى هدا مما يتطلبه صالح أمورهم وفي الدارين -:
على أن الله تعالى يجب عليه لطفا بعباده أن يجعل فيهم - وقد جعل - من يكون العالم بالكائنات كافة، والعلوم والفنون، والمتحلي بأبراد الكمال كلها، حتى يكون الفرد الأوحد في عصره، الصالح للنهضة بالإرشاد والهداية، للعالم، والمضطلع بهذا العبء الباهض، حتى لو كانت له الهيمنة على الكرة الأرضية برمتها، لاستطاع أن يدبر شؤونها أحسن إدارة، ويدبر أمورها أجمل تدبير كما يقوى على خصم كل محاجج بالقوة البيانية والآيات الفعلية، ويستطيع الجواب عن مسألة كل سائل، بالكشف عن الحقيقة، وإماطة الستار عن الواقع، ليكون حقا هو الحجة البالغة من الخالق على الخلق والهادي لهم بعد ذلك الرسول المنذر.