العقل دلالة كافية، وبرهان نير، فإن العقل يرى أن اللطيف جل شأنه يجب عليه أن يجعل حجة بينه وبين عباده، يقوم بتبليغ أحكامه، وبيان نظامه، وذلك الحجة جامع لجميع صفات الكمال، وعار عن جميع خصال النقص، ولا يكون فيه ما يجعله عرضة للانتقاص، ومسرحا للتوهين ومحلا للانتقاد. بل يجب أن يكون المنزه عن النقائص في الخلق والخلق، ليصلح أن تقوم به الحجة، ولا تكون لأحد عليه حجة أو تطاول في فضل أو علم.
وأين هذا من القول بجهلهم بالموضوعات الصرفة التي تؤول بهم إلى تلك اللوازم السيئة، والأعمال الممقونة؟ وكيف تنفق تلك الخلال اللازمة مع أغراض ذلك الحكيم اللطيف، والطاف ذلك القدير العليم.
وكيف يأمر جل شأنه، باتباع من يجوز الخطأ والغلط، ويحذر من يخالفه من لا يؤمن عثاره؟ وكيف يوجب الطاعة والتسليم لمن يسوغ سهوه ونسيانه، والفشل بجهله، ويزجر عن الاعتراض على من يخاف من سقطاته، ويخشى من هفواته...؟
أفيجوز على الحكيم أن ينصب علما للناس من هاتيك شؤونه، وهذه صفاته؟؟.