يزل في النار إلى الجحيم * شرابه الصديد والحميم فقالت فاطمة (عليها السلام):
إني لأعطيه ولا أبالي * وأوثر الله على عيالي أمسوا جياعا وهم أشبالي * أصغرهما يقتل في القتال بكربلاء يقتل باغتيالي * للقاتل الويل مع الوبال تهوي به النار إلى سفالي * مصفد اليدين بالأغلال كبوله زادت على الأكبال قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح، فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة (عليها السلام) إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم أسير فوقف بالباب، وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) تأسرونا وتشدوننا ولا تطعمونا أطعموني، فإني أسير محمد أطعمكم الله على موائد الجنة فسمعه علي فقال:
فاطم يا بنت النبي أحمد * بنت نبي سيد مسدد هذا أسير للنبي المهتد * مكبل في غله مقيد يشكو إلينا الجوع قد تمرد * من يطعم اليوم يجده في غد عند العلي الواحد الموحد * ما يزرع الزارع سوف يحصد فأطعمي من غير من أنكد * حتى تجازي بالذي لا ينفد فقالت فاطمة رضي الله عنها:
لم يبق مما جئت غير صاع * قد دميت كفي مع الذراع ابناي والله من الجياع * أبوهما للخير ذو اصطناع يصطنع المعروف بابتداع * عبل الذراعين طويل الباع وما على رأسي من قناع * إلا قناع نسجه من صاع قال: فأعطوه ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح، فلما إن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أخذ علي بيده اليمنى الحسن وأخذ بيده اليسرى الحسين وأقبل نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، فلما بصر به النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " يا أبا الحسن ما أشد ما يسؤني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة " فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي، وقد