وأبو حنيفة فسألوه عن حاله فذكر ضعفا شديدا، وذكر ما يتخوف من خطيئاته، وأدركته رنة فبكى فأقبل عليه أبو حنيفة فقال: يا أبا محمد اتق الله وانظر نفسك فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو رجعت عنها لكان خيرا لك، قال الأعمش: مثل ماذا يا نعمان؟ قال: مثل حديث عباية: أنا قسيم النار، قال: أو لمثلي تقول يا يهودي؟ أقعدوني وسندوني، حدثني - والذي إليه مصيري - موسى بن طريف، ولم أر أسديا كان خيرا منه. قال: سمعت عباية بن ربعي إمام الحي فقال: سمعت عليا أمير المؤمنين (عليه السلام ) يقول: أنا قسيم النار أقول وقولي: هذا وليي دعيه، وهذا عدوي خذيه، وحدثني أبو المتوكل الناجي في إمرة الحجاج وكان يشتم عليا شتما مقذعا يعني الحجاج لعنه الله، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة أمر الله عز وجل، فأقعد أنا وعلي على الصراط ويقال لنا: أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما.
قال أبو سعيد: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما آمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يتول أو قال: لم يحب عليا وتلا * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * قال: فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال:
قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمد بأطم من هذا.
قال الحسن بن سعيد قال: لي شريك بن عبد الله: فما أمسى - يعني الأعمش - حتى فارق الدنيا. (1) الخامس: علي بن بابويه القمي أبو عبيد الله في الأحاديث الأربعين عن أربعين شيخا عن أربعين صحابيا قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أبي طالب هموسة الفرزادي المقري قال: حدثنا أبو الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل الحسيني الحافظ إملاء، أنا أبو نصر أحمد بن مروان بن عبد الوهاب المقري المعروف بالخباز بقراءتي عليه، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقري العدل قراءة عليه وأنا أسمع، حدثنا القاضي أبو الحسين عمر بن الحسن بن مالك الشيباني، حدثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي [حدثنا يحيى ابن عبد الحميد الحماني، نا شريك بن عبد الله النخعي] (2) قال: كنا عند الأعمش في المرض الذي مات فيه فدخل عليه أبو حنيفة وابن أبي ليلى، فالتفت أبو حنيفة وكان أكبرهم وقال له: يا محمد اتق الله فإنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو سكت عنها لكان خيرا لك.