فنقول: العناد لم يرتفع، وهو من زمن آدم (عليه السلام) جار إلى ظهور الصاحب، وكذلك الحسد قد صرح الكتاب به في عدة آيات سبق بعضها، وهو وجداني كثير الوقوع بين الناس، كالأخوين الخلص على دين واحد على أمر جزئي يسعى أحدهما في هلاك أخيه عليه، ومع علمه بأنه باطل وضلال فكيف ما كان مبنيا على نفاق، وهو كثير في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يمت أهله قبل موته، فظهر بحقهم بعد، وسكت علي لحكم، ولكن كما قال الله: * (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) * (1) ومن تمامه ظهور الحجة على لسانهم وحجة الله بالغة، وجنده غالبون باللسان إذا استجمعت شروطه، وزالت موانعه، وبالبيان دائما، ودائما كلمة الذين كفروا السفلى، ومجتثة ما لها من قرار، وكلمة الذين آمنوا العليا طيبة، ثابت أصلها، وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ومجرد وقوع خلافته في الأرض مضادة للحق وأن تمحقه وتزيله منها لا يدل على رضى الله بها، وكذا سكوت الإمام عنا لعدم استجماع شروط الجهاد وزوال الموانع، وهي سنة الله الجارية من آدم إلى ظهور محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسنته أكثر زمن وجوده.
وهذا إبليس لعنه الله وجنوده واتباعه منتشرون ومنتظرون إلى يوم الوقت المعلوم لا إلى البعث، نعم على الله قصد السبيل، وبيان الرشاد من الغي، ولا جبر في الوجود وما زال يحتاج شروطا خاصة، وزوال موانع، فقام العذر لهم (عليهم السلام) كل في وقته وجميع عملهم عن أمر الله، وهم (عليهم السلام) لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.