وطالما تشكى (عليه السلام) وأظهر التظلم، هو والزهراء وباقيهم، وخرج بالجهاد في وقت دون آخر، وكذا الحسين (عليه السلام)، وبه تمت الحجة وعلمت وقوي دين جده وثبت وعلت حجته على الكل وتم به العذر لبنيه المعصومين التسعة، ومع ذلك لم يتركوا ولا تركوا إيصال الهداية وبيان الحق لطالبه، ومع هذا وردت الردة ووقعت بعد موت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كفرا ومعصية، ليس هنا موضع تفصيلها (1) ورجع بعض لعلي بعد فقبلهم، وبقي كثير عليها، وسعى في التحريف والتغيير جهده، وتبعه كثير من الغثاء، وممن هو تبع كل ناعق، ومن أشرب في قلبه حب العاجلة.
قال الله تعالى: * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * (2) الآية وقال تعالى: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) * إلى أن قال تعالى: * (ولو شاء ربك ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا) * أي جبرا لهم * (ولكن الله يفعل ما يريد) * (3) فأخبر عن وقوع الاختلاف والاقتتال بعد الأنبياء في قومهم بعد وضوح الحجة وبلوغهم البينة فآمن بعض وكفر بعض.
فقل لي: ما وقع بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من القتل مع علي (عليه السلام)، والحسين (عليه السلام)، وما أرادوا مع الحسن من على الحق منهم؟ ومن الكافر ومن المؤمن؟ لا مناص لك من قولك بإيمان علي والحسن (عليهما السلام)، والمحارب لهم والمقاتل لهم كافر إلا أنه مجتهد معذور، فليس المقام مقام اجتهاد بل واضح المنار أجلى وأظهر من أن تحوم حوله شبهة، فدع الباطل، ولا تعارض الحق الظاهر بالتمويه والشبهة.