فقالوا: إن كان الضمير المحذوف للنبي عليه السلام أو للقرآن صح المعنى وخلت الصلة عن عائد، أو للتكذيب فسد المعنى، لانهم إذا كذبوا التكذيب بالقرآن أو النبي كانوا مؤمنين، اه. وهذا سهو منه ومنهم، لان كذبوا ليس واقعا على التكذيب، بل مؤكد به، لأنه مفعول مطلق، لا مفعول به، والمفعول به محذوف أيضا، أي بما كانوا يكذبون النبي أو القرآن تكذيبا، ونظيره (وكذبوا بآياتنا كذابا) ولأبي البقاء في هذه الآية أوهام متعددة، فإنه قال: ما مصدرية صلتها يكذبون، ويكذبون خبر كان، ولا عائد على ما، ولو قيل باسميتها، فتضمنت مقالته الفصل بين ما الحرفية وصلتها بكان، وكون يكذبون في موضع نصب لأنه قدره خبر كان، وكونه لا موضع له لأنه قدره صلة ما، واستغناء الموصول الأسمى عن عائد، وللزمخشري غلطة عكس هذه الأخيرة، فإنه جوز مصدرية ما في (واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه) مع أنه قد عاد عليها الضمير.
وندر وصلها بالفعل الجامد في قوله:
507 - أليس أميري في الأمور بأنتما * بما لستما أهل الخيانة والغدر وبهذا البيت رجح القول بحرفيتها، إذ لا يتأتى هنا تقدير الضمير.
الوجه الثالث: أن تكون زائدة، وهي نوعان: كافة، وغير كافة.
والكافة ثلاثة أنواع:
أحدها: الكافة عن عمل الرفع، ولا تتصل إلا بثلاثة أفعال: قل، وكثر، وطال، وعلة ذلك شبههن برب، ولا يدخلن حينئذ إلا على جملة فعلية صرح بفعلها كقوله:
508 - قلما يبرح اللبيب إلى ما * يورث المجد داعيا أو مجيبا فأما قول المرار: