جار ومجرور متعلق بوجدت، لكن فيه تعدى فعل الظاهر إلى ضميره المتصل كقولك (ضربه زيد) وذلك ممتنع، فينبغي أن يقدر صفة في الأصل لسبلا فلما قدم عليه صار حالا منه، كما أن قوله (إلى أرواحنا) كذلك، إذ المعنى سبلا مسلوكة إلى أرواحنا، ولك في (لها) وجه غريب، وهو أن تقدره جمعا للهاة كحصاة وحصى، ويكون (لها) فاعلا بوجدت، والمنايا مضافا إليه، ويكون إثبات اللهوات للمنايا استعارة، شبهت بشئ يبتلع الناس، ويكون أقام اللها مقام الأفواه لمجاورة اللهوات للفم.
وأما اللام العاملة للجزم فهي اللام الموضوعة للطلب، وحركتها الكسر، وسليم تفتحها، وإسكانها بعد الفاء والواو أكثر من تحريكها، نحو (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) وقد تسكن بعد ثم نحو (ثم ليقضوا) في قراءة الكوفيين وقالون والبزي، وفى ذلك رد على من قال: إنه خاص بالشعر.
ولا فرق في اقتضاء اللام الطلبية للجزم بين كون الطلب أمرا، نحو (لينفق ذو سعة) أو دعاء نحو (ليقض علينا ربك) أو التماسا كقولك لمن يساويك (ليفعل فلان كذا) إذا لم ترد الاستعلاء عليه، وكذا لو أخرجت عن الطلب إلى غيره، كالتي يراد بها وبمصحوبها الخبر نحو (من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا) (اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم) أي فيمد ونحمل، أو التهديد نحو (ومن شاء فليكفر) وهذا هو معنى الامر في (اعملوا ما شئتم) وأما (ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا) فيحتمل اللامان منه التعليل، فيكون ما بعدهما منصوبا، والتهديد فيكون مجزوما، ويتعين الثاني في اللام الثانية في قراءة من سكنها، فيترجح بذلك أن تكون اللام الأولى كذلك، ويؤيده أن بعدهما (فسوف يعلمون) وأما (وليحكم أهل الإنجيل) فيمن قرأ بسكون اللام فهي لام الطلب، لأنه يقرأ بسكون الميم، ومن كسر اللام - وهو حمزة - فهي لام