خلاف الواقع باتفاق، فتعين صرفه لغير المذكور وصرف الاثبات للمذكور، فجاء الحصر.
وهذا البحث مبنى على مقدمتين باطلتين بإجماع النحويين، إذ ليست إن للاثبات، وإنما هي لتوكيد الكلام إثباتا كان مثل " إن زيدا قائم " أو نفيا مثل " إن زيدا ليس بقائم " ومنه (إن الله لا يظلم الناس شيئا) وليست " ما " للنفي، بل هي بمنزلتها في أخواتها ليتما ولعلما ولكنما وكأنما، وبعضهم ينسب القول بأنها نافية للفارسي في كتاب الشيرازيات، ولم يقل ذلك الفارسي لا في الشيرازيات ولا في غيرها، ولا قاله نحوي غيره، وإنما قال الفارسي في الشيرازيات: إن العرب عاملوا إنما معاملة النفي وإلا في فصل الضمير كقول الفرزدق:
510 - [أنا الذائد الحامي الذمار] وإنما * يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي فهذا كقول الآخر:
511 - قد علمت سلمى وجاراتها * ما قطر الفارس إلا أنا وقول أبى حيان: لا يجوز فصل الضمير المحصور بإنما، وإن الفصل في البيت الأول ضرورة واستدلاله بقوله تعالى (قل إنما أعظكم بواحدة) (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) وهم، لان الحصر فيهن في جانب الظرف لا الفاعل، ألا ترى أن المعنى ما أعظكم إلا بواحدة، وكذا الباقي.
والثالث: الكافة عن عمل الجر، وتتصل بأحرف وظروف.
فالأحرف أحدها رب، وأكثر ما تدخل حينئذ على الماضي كقوله:
ربما أوفيت في علم * ترفعن ثوبي شمالات [207] لان التكثير والتقليل إنما يكونان فيما عرف حده، والمستقبل مجهول، ومن ثم قال الرماني في (ربما يود الذين كفروا) إنما جاز لان المستقبل معلوم عند الله تعالى