تقدير قد حلبت أخرى، لان المخبر عنه في هذا الوجه متعدد لفظا ومعنى، ونظيره (زينب وهند قامت) وكم على هذا الوجه: ظرف أو مصدر، والتمييز محذوف، أي كم وقت أو حلبة.
(كأي): اسم مركب من كاف التشبيه وأي المنونة، ولذلك جاز الوقف عليها بالنون، لان التنوين لما دخل في التركيب أشبه النون الأصلية، ولهذا رسم في المصحف نونا، ومن وقف عليها بحذفه اعتبر حكمه في الأصل وهو الحذف في الوقف.
وتوافق كأي كم في خمسة أمور: الابهام، والافتقار إلى التمييز، والبناء، ولزوم التصدير، وإفادة التكثير تارة وهو الغالب، نحو (وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثير) والاستفهام أخرى، وهو نادر ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك، واستدل عليه بقول أبي بن كعب لابن مسعود رضي الله عنهما (كأي تقرأ سورة الأحزاب آية) فقال: ثلاثا وسبعين.
وتخالفها في خمسة أمور:
أحدها: أنها مركبة، وكم بسيطة على الصحيح، خلافا لمن زعم أنها مركبة من الكاف وما الاستفهامية، ثم حذفت ألفها لدخول الجار، وسكنت ميمها للتخفيف لثقل الكلمة بالتركيب.
والثاني: أن مميزها مجرور بمن غالبا، حتى زعم ابن عصفور لزوم ذلك، ويرده قول سيبويه (وكأي رجلا رأيت) زعم ذلك يونس، و (كأي قد أتانا رجلا) إلا أن أكثر العرب لا يتكلمون به إلا مع من، انتهى. ومن الغالب قوله تعالى (وكأين من نبي) و (كأين من آية) و (كأين من دابة) ومن النصب قوله:
308 - اطرد اليأس بالرجا، فكأي * آلما حم يسره بعد عسر