لبشر أن ينصبه الله للدعاء إلى عبادته وترك الأنداد، ثم يأمر الناس بأن يكونوا عبادا له ويأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا، والثاني: أن تكون غير زائدة، ووجهه بأن النبي عليه الصلاة والسلام كان ينهى قريشا عن عبادة الملائكة، وأهل الكتاب عن عبادة عزير وعيسى، فلما قالوا له: أنتخذك ربا؟ قيل لهم:
ما كان لبشر أن يستنبئه الله ثم يأمر الناس بعبادته وينهاهم عن عبادة الملائكة والأنبياء، هذا ملخص كلامه، وإنما فسر لا يأمر بينهى لأنها حالته عليه الصلاة والسلام، وإلا فانتفاء الامر أعم من النهى والسكوت، والمراد الأول وهي الحالة التي يكون بها البشر متناقضا، لان نهيه عن عبادتهم لكونهم مخلوقين لا يستحقون أن يعبدوا، وهو شريكهم في كونه مخلوقا، فكيف يأمرهم بعبادته؟ والخطاب في (ولا يأمركم) على القراءتين التفات.
تنبيه - قرأ جماعة (واتقوا فتنة لتصيبن الذين ظلموا) وخرجها أبو الفتح على حذف ألف (لا) تخفيفا، كما قالوا (أم والله) ولم يجمع بين القراءتين بأن تقدر لا في قراءة الجماعة زائدة، لان التوكيد بالنون يأبى ذلك.
(لات): اختلف فيها في أمرين:
أحدهما: في حقيقتها، وفى ذلك ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنها كلمة واحدة فعل ماض ثم اختلف هؤلاء على قولين أحدهما:
أنها في الأصل بمعنى نقص من قوله تعالى (لا يلتكم من أعمالكم شيئا) فإنه يقال: لات يليت كما يقال: ألت يألت، وقد قرئ بهما، ثم استعملت للنفي كما أن قل كذلك، قاله أبو ذر الخشني. والثاني: أن أصلها ليس بكسر الياء، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأبدلت السين تاء.
والمذهب الثاني: أنها كلمتان: لا النافية، والتاء لتأنيث اللفظة كما في ثمت وربت، وإنما وجب تحريكها لالتقاء الساكنين، قاله الجمهور.