ينزل عليكم من خير من ربكم) الآية. فيها من ثلاث مرات، الأولى للتبيين لان الكافرين نوعان كتابيون ومشركون، والثانية زائدة، والثالثة لابتداء الغاية مسألة - (لآكلون من شجر من زقوم) (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب) الأولى منهما للابتداء، والثانية للتبيين.
مسألة - (نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة) من فيهما للابتداء، ومجرور الثانية بدل من مجرور الأولى بدل اشتمال لان الشجرة كانت نابتة بالشاطئ.
(من): على خمسة أوجه:
شرطية نحو (من يعمل سوأ يجز به).
واستفهامية نحو (من بعثنا من مرقدنا؟) (فمن ربكما يا موسى؟).
وإذا قيل " من يفعل هذا إلا زيد؟ " فهي من الاستفهامية أشربت معنى النفي، ومنه (ومن يغفر الذنوب إلا الله) ولا يتقيد جواز ذلك بأن يتقدمها الواو، خلافا لابن مالك، بدليل (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه).
وإذا قيل " من ذا لقيت؟ " فمن: مبتدأ وذا: خبر موصول، والعائد محذوف، ويجوز على قول الكوفيين في زيادة الأسماء كون ذا زائدة، ومن مفعولا، وظاهر كلام جماعة أنه يجوز في " من ذا لقيت " أن تكون من وذا مركبتين كما في قولك " ماذا صنعت " ومنع ذلك أبو البقاء في مواضع من إعرابه وثعلب في أماليه وغيرهما، وخصوا جواز ذلك بماذا، لان " ما " أكثر إبهاما، فحسن أن تجعل مع غيرها كشئ واحد، ليكون ذلك أظهر لمعناها، ولان التركيب خلاف الأصل، وإنما دل عليه الدليل مع " ما " وهو قولهم " لما جئت " بإثبات الألف وموصولة [في] نحو (ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض).