إذ لم يرد أن يحضهم على أن يعدوا في المستقبل، بل المراد توبيخهم على ترك عده في الماضي، وإنما قال (تعدون) على حكاية الحال، فإن كان مراد النحويين مثل ذلك فحسن.
وقد فصلت من الفعل بإذ وإذا معمولين له، وبجملة شرطية معترضة، فالأول نحو (ولولا إذ سمعتموه قلتم) (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) والثاني والثالث نحو (فلو لا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون) (فلو لا إن كنتم غير مدينين ترجعونها) المعنى فهلا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين، وحالتكم أنكم تشاهدون ذلك، ونحن أقرب إلى المحتضر منكم بعلمنا، أو بالملائكة، ولكنكم لا تشاهدون ذلك، ولولا الثانية تكرار للأولى.
الرابع: الاستفهام، نحو (لولا أخرتني إلى أجل قريب) (لولا أنزل عليه ملك) قاله الهروي، وأكثرهم لا يذكره، والظاهر أن الأولى للعرض، وأن الثانية مثل (لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء).
وذكر الهروي أنها تكون نافية بمنزلة لم، وجعل منه (فلو لا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس) والظاهر أن المعنى على التوبيخ، أي فهلا كانت قرية واحدة من القرى المهلكة تابت عن الكفر قبل مجئ العذاب فنفعها ذلك، وهو تفسير الأخفش والكسائي والفراء وعلي بن عيسى والنحاس، ويؤيده قراءة أبى وعبد الله (فهلا كانت) ويلزم من هذا المعنى النفي، لان التوبيخ يقتضى عدم الوقوع، وقد يتوهم أن الزمخشري قائل بأنها للنفي لقوله:
(والاستثناء منقطع بمعنى لكن، ويجوز كونه متصلا والجملة في معنى النفي، كأنه قيل: ما آمنت) ولعله إنما أراد ما ذكرنا، ولهذا قال (والجملة في معنى النفي (ولم يقل (ولولا للنفي) وكذا قال في (لولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا):