وتستعمل على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون حرفا جارا بمنزلة إلى في المعنى والعمل، ولكنها تخالفها في ثلاثة أمور:
أحدها: أن لمخفوضها شرطين، أحدهما عام، وهو أن يكون ظاهرا لا مضمرا، خلافا للكوفيين والمبرد، فأما قوله:
186 - أتت حتاك تقصد كل فج * ترجى منك أنها لا تخيب فضرورة، واختلف في علة المنع، فقيل: هي أن مجرورها لا يكون إلا بعضا مما قبلها أو كبعض منه، فلم يمكن عود ضمير البعض على الكل، ويرده أنه قد يكون ضميرا حاضرا كما في البيت فلا يعود على ما تقدم، وأنه قد يكون ضميرا غائبا عائدا على ما تقدم غير الكل، كقولك (زيد ضربت القوم حتاه) وقيل: العلة خشية التباسها بالعاطفة، ويرده أنها لو دخلت عليه لقيل في العاطفة (قاموا حتى أنت، وأكرمتهم حتى إياك) بالفصل، لان الضمير لا يتصل إلا بعامله، وفى الخافضة (حتاك) بالوصل كما في البيت، وحينئذ فلا التباس، ونظيره أنهم يقولون في توكيد الضمير المنصوب (رأيتك أنت) وفى البدل منه (رأيتك إياك) فلم يحصل لبس، وقيل: لو دخلت عليه قلبت ألفها ياء كما في إلى، وهي فرع عن إلى، فلا تحتمل ذلك، والشرط الثاني خاص بالمسبوق بذي أجزاء، وهو أن يكون المجرور آخرا نحو (أكلت السمكة حتى رأسها) أو ملاقيا لآخر جزء نحو (سلام هي حتى مطلع الفجر) ولا يجوز سرت البارحة حتى ثلثها أو نصفها، كذا قال المغاربة وغيرهم، وتوهم ابن مالك أن ذلك لم يقل به إلا الزمخشري، واعترض عليه بقوله:
187 - عينت ليلة، فما زلت حتى * نصفها راجيا، فعدت يؤوسا