فنقول (مررت بالقوم حتى بزيد) ذكر ذلك ابن الخباز وأطلقه، وقيده ابن مالك بأن لا يتعين كونها للعطف نحو (عجبت من القوم حتى بنيهم) وقوله:
194 - جود يمناك فاض في الخلق حتى * بائس دان بالإساءة دينا وهو حسن، ورده أبو حيان، وقال في المثال: هي جارة، إذ لا يشترط في تالي الجارة أن يكون بعضا أو كبعض، بخلاف العاطفة، ولهذا منعوا (أعجبتني الجارية حتى ولدها) قال: وهي في البيت محتملة، انتهى. وأقول: إن شرط الجارة التالية ما يفهم الجمع أن يكون مجرورها بعضا أو كبعض، وقد ذكر ذلك ابن مالك في باب حروف الجر، وأقره أبو حيان عليه، ولا يلزم من امتناع (أعجبتني الجارية حتى ابنها) امتناع (عجبت من القوم حتى بنيهم) لان اسم القوم يشمل أبناءهم، واسم الجارية لا يشمل ابنها، ويظهر لي أن الذي لحظه ابن مالك أن الموضع الذي يصح أن تحل فيه إلى محل حتى العاطفة فهي فيه محتملة للجارة، فيحتاج حينئذ إلى إعادة الجار عند قصد العطف نحو (اعتكفت في الشهر حتى في آخره) بخلاف المثال والبيت السابقين، وزعم ابن عصفور أن إعادة الجار مع حتى أحسن، ولم يجعلها واجبة.
تنبيه - العطف بحتى قليل، وأهل الكوفة ينكرونه البتة، ويجملون نحو (جاء القوم حتى أبوك، ورأيتهم حتى أباك، ومررت بهم حتى أبيك) على أن حتى فيه ابتدائية، وأن ما بعدها على إضمار عامل.
الثالث من أوجه حتى: أن تكون حرف ابتداء، أي حرفا تبتدأ بعده الجمل، أي تستأنف، فيدخل على الجملة الاسمية، كقول جرير:
195 - فما زالت القتلى تمج دماءها * بدجلة حتى ماء دجلة أشكل [ص 386]