أصله فيقال لهم ألم تكن آياتي، ثم حذف القول وتأخرت الفاء عن الهمزة.
وأما التفصيل فهو غالب أحوالها كما تقدم في آية البقرة، ومن ذلك (أما السفينة فكانت لمساكين) (وأما الغلام) (وأما الجدار) الآيات، وقد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر، أو بكلام يذكر بعدها في موضع ذلك القسم، فالأول نحو (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل) أي وأما الذين كفروا بالله فلهم كذا وكذا، والثاني نحو (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) أي وأما غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه إلى ربهم، ويدل على ذلك (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا) أي كل من المتشابه المحكم من عند الله، والايمان بهما واجب، وكأنه قيل: وأما الراسخون في العلم فيقولون، وهذه الآية في أما المفتوحة نظير قولك في إما المكسورة (إما أن تنطق بخير وإلا فاسكت) وسيأتي ذلك، كذا ظهر لي، وعلى هذا فالوقف على (إلا الله) وهذا المعنى هو المشار إليه في آية البقرة السابقة فتأملها.
وقد تأتى لغير تفصيل أصلا، نحو (أما زيد فمنطلق).
وأما التوكيد فقل من ذكره، ولم أر من أحكم شرحه غير الزمخشري، فإنه قال: فائدة أما في الكلام أن تعطيه فضل توكيد، تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب وأنه بصدد الذهاب وأنه منه عزيمة قلت (أما زيد فذهب) ولذلك قال سيبويه في تفسيره: مهما يكن من شئ فزيد ذاهب، وهذا التفسير مدل بفائدتين: بيان كونه توكيدا، وأنه في معنى الشرط، انتهى ويفصل بين (أما) وبين الفاء بواحد من أمور ستة، أحدها: المبتدأ كالآيات