التحقيق، فهو بمنزلة بل، وبل سبيلها أن تأتي بعد الجحد كقولك ما قام أخوك بل أبوك، وما أكرمت أخاك بل أباك، وإذا قال الرجل للرجل: ألا تقوم؟ فقال له: بلى، أراد بل أقوم، فزادوا الألف على بل ليحسن السكوت عليها، لأنه لو قال بل كان يتوقع (* قوله كان يتوقع اي المخاطب كما هو ظاهر مما بعد) كلاما بعد بل فزادوا الألف ليزول عن المخاطب هذا التوهم، قال الله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة، ثم قال بعد: بلى من كسب سيئة، والمعنى بل من كسب سيئة، وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أينما وقعت في جحد أو إيجاب، قال: وبلى تكون إيجابا للمنفي لا غير. قال الفراء: بل تأتي بمعنيين: تكون إضرابا عن الأول وإيجابا للثاني كقولك عندي له دينار لا بل ديناران، والمعنى الآخر أنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها، وهذا يسمى الاستدراك لأنه أراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب تقول بل والله لا آتيك وبن والله، يجعلون اللام فيها نونا، وهي لغة بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بن بمعنى لا بل.
الجوهري: بل مخفف حرف، يعطف بها الحرف الثاني على الأول فيلزمه مثل إعرابه، فهو للإضراب عن الأول للثاني، كقولك: ما جاءني زيد بل عمرو، وما رأيت زيدا بل عمرا، وجاءني أخوك بل أبوك تعطف بها بعد النفي والإثبات جميعا، وربما وضعوه موضع رب كقول الراجز:
بل مهمه قطعت بعد مهمه يعني رب مهمه كما يوضع غيره اتساعا، وقال آخر:
بل جوز تيهاء كظهر الحجفت وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق، قال الأخفش عن بعضهم: إن بل ههنا بمعنى إن فلذلك صار القسم عليها، قال: وربما استعملت العرب في قطع كلام واستئناف آخر فينشد الرجل منهم الشعر فيقول:
...... بل ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا ويقول:
...... بل وبلدة ما الإنس من آهالها، ترى بها العوهق من وئالها، كالنار جرت طرفي حبالها قوله بل ليست من البيت ولا تعد في وزنه ولكن جعلت علامة لانقطاع ما قبله، والرجز الأول لرؤبة وهو:
أعمى الهدى بالجاهلين العمة، بل مهمه قطعت بعد مهمه والثاني لسؤر الذئب وهو:
بل جوزتيهاء كظهر الحجفت، يمسي بها وحوشها قد جئفت قال: وبل نقصانها مجهول، وكذلك هل وقد، إن شئت جعلت نقصانها واوا قلت بلو هلو قدو، وإن شئت جعلته ياء. ومنهم من يجعل نقصانها مثل آخر حروفها فيدغم ويقول هل وبل وقد، بالتشديد. قال ابن بري: الحروف التي هي على حرفين مثل قد وبل وهل لا يقدر فيها حذف حرف ثالث كما يكون ذلك في الأسماء نحو يد ودم، فإن