لسان العرب - ابن منظور - ج ١١ - الصفحة ٣٩١
الساكنين الألف واللام فحرك الألف لالتقائهما فانقلبت همزة، لأن الألف حرف ضعيف واسع المخرج لا يتحمل الحركة، فإذا اضطروا إلى تحريكه قلبوه إلى أقرب الحروف إليه وهو الهمزة، قال: وعلى ذلك ما حكاه أبو زيد من قولهم شأبة ومأدة، وأنشدوا:
يا عجبا لقد رأيت عجبا:
حمار قبان يسوق أرنبا، خاطمها زأمها أن تذهبا يريد زامها. وحكى أبو العباس عن أبي عثمان عن أبي زيد قال: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ: فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن، بهمز جان، فظننته قد لحن حتى سمعت العرب تقول شأبة ومأدة، قال أبو العباس: فقلت لأبي عثمان أتقيس ذلك؟ قال: لا ولا أقبله.
وضلول: كضال، قال:
لقد زعمت أمامة أن مالي بني، وأنني رجل ضلول وأضله: جعله ضالا. وقوله تعالى: إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل، وقرئت: لا يهدى من يضل، قال الزجاج: هو كما قال تعالى: من يضلل الله فلا هادي له. قال أبو منصور:
والإضلال في كلام العرب ضد الهداية والإرشاد. يقال: أضللت فلانا إذا وجهته للضلال عن الطريق، وإياه أراد لبيد:
من هداه سبل الخير اهتدى ناعم البال، ومن شاء أضل قال لبيد: هذا في جاهليته فوافق قوله التنزيل العزيز: يضل من يشاء ويهدي من يشاء، قال أبو منصور: والأصل في كلام العرب وجه آخر يقال: أضللت الشئ إذا غيبته، وأضللت الميت دفنته.
وفي الحديث: سيكون عليكم أمة إن عصيتموهم ضللتم، يريد بمعصيتهم الخروج عليهم وشق عصا المسلمين، وقد يقع أضلهم في غير هذا الموضع على الحمل على الضلال والدخول فيه. وقوله في التنزيل العزيز:
رب إنهن أضللن كثيرا من الناس، أي ضلوا بسببها لأن الأصنام لا تفعل شيئا ولا تعقل، وهذا كما تقول: قد أفتنتني هذه الدار أي افتتنت بسببها وأحببتها، وقول أبي ذؤيب:
رآها الفؤاد فاستضل ضلاله، نيافا من البيض الكرام العطابل قال السكري: طلب منه أن يضل فضل كما يقال جن جنونه، ونيافا أي طويلة، وهو مصدر ناف نيافا وإن لم يستعمل، والمستعمل أناف، وقال ابن جني: نيافا مفعول ثان لرآها لأن الرؤية ههنا رؤية القلب لقوله رآها الفؤاد. ويقال: ضل ضلاله، كما يقال جن جنونه، قال أمية:
لولا وثاق الله ضل ضلالنا، ولسرنا أنا نتل فنوأد وقال أوس بن حجر:
إذا ناقة شدت برحل ونمرق، إلى حكم بعدي، فضل ضلالها وضللت المسجد والدار إذا لم تعرف موضعهما، وضللت الدار والمسجد والطريق وكل شئ مقيم ثابت لا تهتدي له، وضل هو عني ضلالا وضلالة، قال ابن بري: قال أبو عمرو بن العلاء إذا لم تعرف المكان قلت ضللته، وإذا سقط من يدك شئ قلت أضللته، قال:
يعني أن المكان لا يضل وإنما
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»
الفهرست