لسان العرب - ابن منظور - ج ١١ - الصفحة ٣٩٣
الشئ إذا ضاع منك مثل الدابة والناقة وما أشبهها إذا انفلت منك، وإذا أخطأت موضع الشئ الثابت مثل الدار والمكان قلت ضللته وضللته، ولا تقل أضللته. قال محمد بن سلام: سمعت حماد بن سلمة يقرأ في كتاب: لا يضل ربي ولا ينسى، فسألت عنها يونس فقال: يضل جيدة، يقال: ضل فلان بعيره أي أضله، قال أبو منصور: خالفهم يونس في هذا. وفي الحديث:
لولا أن الله لا يحب ضلالة العمل ما رزأناكم عقالا، قال ابن الأثير: أي بطلان العمل وضياعه مأخوذ من الضلال الضياع، ومنه قوله تعالى: ضل سعيهم في الحياة الدنيا. وأضله أي أضاعه وأهلكه. وفي التنزيل العزيز: إن المجرمين في ضلال وسعر، أي في هلاك.
والضلال: النسيان. وفي التنزيل العزيز: ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، أي تغيب عن حفظها أو يغيب حفظها عنها، وقرئ: إن تضل، بالكسر، فمن كسر إن قال كلام على لفظ الجزاء ومعناه، قال الزجاج: المعنى في إن تضل إن تنس إحداهما تذكرها الأخرى الذاكرة، قال: وتذكر وتذكر رفع مع كسر إن (* قوله وتذكر وتذكر رفع مع كسر ان كذا في الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة الكشاف والخطيب: وقرأ حمزة وحده ان تضل إحداهما بكسر ان على الشرط فتذكر بالرفع والتشديد، فلعل التخفيف مع كسر ان قراءة أخرى) لا غير، ومن قرأ أن تضل إحداهما فتذكر، وهي قراءة أكثر الناس، قال: وذكر الخليل وسيبويه أن المعنى استشهدوا امرأتين لأن تذكر إحداهما الأخرى ومن أجل أن تذكرها، قال سيبويه: فإن قال إنسان: فلم جاز أن تضل وإنما أعد هذا للإذكار؟
فالجواب عنه أن الإذكار لما كان سببه الإضلال جاز أن يذكر أن تضل لأن الإضلال هو السبب الذي به وجب الإذكار، قال: ومثله أعددت هذا أن يميل الحائط فأدعمه، وإنما أعددته للدعم لا للميل، ولكن الميل ذكر لأنه سبب الدعم كما ذكر الإضلال لأنه سبب الإذكار، فهذا هو البين إن شاء الله. ومنه قوله تعالى: قال فعلتها إذا وأنا من الضالين، وضللت الشئ: أنسيته. وقوله تعالى: وما كيد الكافرين إلا في ضلال، أي يذهب كيدهم باطلا ويحيق بهم ما يريده الله تعالى. وأضل البعير والفرس: ذهبا عنه.
أبو عمرو: أضللت بعيري إذا كان معقولا فلم تهتد لمكانه، وأضللته إضلالا إذا كان مطلقا فذهب ولا تدري أين أخذ. وكل ما جاء من الضلال من قبلك قلت ضللته، وما جاء من المفعول به قلت أضللته. قال أبو عمرو: وأصل الضلال الغيبوبة، يقال ضل الماء في اللبن إذا غاب، وضل الكافر إذا غاب عن الحجة، وضل الناسي إذا غاب عنه حفظه، وأضللت بعيري وغيره إذا ذهب منك، وقوله تعالى: أضل أعمالهم، قال أبو إسحق: معناه لم يجازهم على ما عملوا من خير، وهذا كما تقول للذي عمل عملا لم يعد عليه نفعه: قد ضل سعيك. ابن سيده: وإذا كان الحيوان مقيما قلت قد ضللته كما يقال في غير الحيوان من الأشياء الثابتة التي لا تبرح، أنشد ابن الأعرابي:
ضل أباه فادعى الضلالا وضل الشئ يضل ضلالا: ضاع. وتضليل الرجل: أن تنسبه إلى الضلال. والتضليل: تصيير الإنسان إلى الضلال، قال الراعي:
وما أتيت نجيدة بن عويمر أبغي الهدى، فيزيدني تضليلا
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست