شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ١٨٢
المفرق، والمحشر، والمسجد، والمنسك (1)، وأما المحل بمعنى المنزل فلكون مضارعه على الوجهين قرئ قوله تعالى (فيحل عليكم غضبي) على الوجهين وجاء فيما مضارعه يفعل بالكسر لغات بالفتح والكسر، وهي المدب، (3)
(1) النسك - بالضم وبضمتين - كل ما يتقرب به إلى الله تعالى، وقد نسكت أنسك - مثل نصر ينصر - بفتح أوله وكسره وسكون ثانية - قال في اللسان:
" والمنسك والمنسك (بفتح السين وكسرها) شرعة النسك. وقيل: المنسك (بالفتح) النسك نفسه، والمنسك (بكسر السين) الموضع الذي تذبح فيه النسكة. وقال الفراء: المنسك في كلام العرب (بكسر السين) الموضع المعتاد الذي تعتاده. ويقال:
إن لفلان منسكا يعتاده في خير كان أو غيره... قال ابن الأثير: قد تكرر ذكر المناسك والنسك والنسيكة في الحديث، فالمناسك جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد (مكان التعبد) ويقع على المصدر والزمان والمكان " اه ملخصا.
وهذه أقوال لا يتلاقى بعضها مع بعض.
(2) اعتبار المدب - بفتح الدال وكسرها - اسم مكان أحد تخريجين للعلماء في هذه الكلمة، ومنهم من جعل المفتوح مصدرا والمكسور اسم مكان، فيكون موافقا للقياس. قال في اللسان: " ومدب السيل ومدبه (بفتح الدال وكسرها) موضع جريه. يقال: تنح عن مدب السيل ومدبه، ومدب النمل ومدبه، فالاسم مكسور والمصدر مفتوح، وكذلك المفعل من كا ما كان على فعل يفعل (كضرب يضرب) قال في التهذيب: والمدب (بكسر الدال) موضع دبيب النمل وغيره " اه ملخصا.
وأنت ترى أنه لا يظهر وجه التفريع في قول صاحب اللسان " فالاسم مكسور والمصدر مفتوح " والمأوى: المنزل. قال الأزهري: سمعت الفصيح من بنى كلاب يقول لمأوى الإبل " مأواة " بالهاء. وقال الجوهري: مأوى الإبل - بكسر الواو - لغة في مأوى الإبل خاصة، وهو شاذ. وقال الفراء: ذكر لي أن العرب يسمى مأوى الإبل مأوى بكسر الواو. قال: وهو نادر، لم يجئ في ذوات الياء والواو مفعل بكسر العين، إلا حرفين: مأقي العين، ومأوى الإبل، وهما نادران، واللغة العالية فيهما " مأوى وموق وماق " اه. واعتباره مأقي العين على مفعل كلام غير مبنى على تحقيق ولا نظر، لان قولهم " موق وماق " بثلاثة أحرف يدل على أن الميم من أصل الكلمة، فإذا قالوا مأقي مع ذلك تبينا أن الياء هي الزائدة، كما كان الأطل دليلا على أن الياء زائدة في الأيطل، فوزن المأقي على هذا فعلى - بكسر اللام أو فتحا -