شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ١٤٧
وإنما كان كذلك، لان الغضب يلزمه في الأغلب حرارة البطن، وقالوا: عجل وعجلان، فعجل باعتبار الطيش والخفة وعجلان باعتبار حرارة الباطن والمقصود أن الثلاثة المذكورة إذا تقاربت فقد تشترك وقد تتناوب وقالوا: قدح (1) قربان إذا قارب الامتلاء، ونصفان إذا امتلأ إلى النصف، وإن لم يستعمل قرب ونصف، بل قارب وناصف، حملا على المعنى:
أي امتلأ.
ويجئ فعيل فيما حقه فعل، كسقيم ومريض، وحمل سليم على مريض.
والقياس سالم ومجئ فعيل في المضاعف والمنقوص اليائي أكثر كالطبيب واللبيب والخسيس والتقى والشقي، وقد جاء فاعل في معنى الصفة المشبهة - أي: مطلق الاتصاف (2) بالمشتق

(1) أخذ المؤلف هذه العبارة عن سيبويه قال: " وقالوا: قدح نصفان وجمجمة نصفي، وقدح قربان وجمجمة قربي، إذا قارب الامتلاء، جعلوا بمنزلة الملآن، لان ذلك معناه معنى الامتلاء، لان النصف قد امتلأ، والقربان ممتلئ أيضا إلى حيث بلغ، ولم نسمعهم قالوا: قرب ولا نصف، اكتفوا بقارب وناصف، ولكنهم جاءوا به كأنهم يقولون قرب ونصف، كما قالوا: مذاكير، ولم يقولوا: مذكير ولا مذكار " اه‍، والجمجمة: القدح أيضا (2) هذا رأى للمؤلف خالف به المتقدمين من فطاحل العلماء، فان مذهبهم أن الصفة المشبهة موضوعة للدلالة على استمرار الحدث لصاحبه في جميع الأزمنة، وقد أوضح هذه المخالفة في شرح الكافية فقال: (ج 2 ص 191): " والذي أرى أن الصفة المشبهة كما أنها ليست موضوعة للحدوث في زمان ليست أيضا موضوعة للاستمرار في جميع الأزمنة، لان الحدوث والاستمرار قيدان في الصفة، ولا دليل فيها عليهما، فليس معنى حسن في الوضع الا ذو حسن، سواء كان في بعض الأزمنة أو جميع الأزمنة، ولا دليل في اللفظ على أحد القيدين، فهو حقيقة في القدر المشترك بينهما، وهو الاتصاف بالحسن، لكن لما أطلق ذلك ولم يكن بعض الأزمنة أولى من بعض ولم يجز نفيه في جميع الأزمنة، لأنك حكمت بثبوته فلا بد من وقوعه في زمان، كان الظاهر ثبوته في جميع الأزمنة إلى أن تقوم قرينة على تخصصه ببعضها، كما تقول: كان هذا حسنا فقبح أو سيصير حسنا، أو هو الان حسن فقط فظهوره في الاستمرار ليس وضعيا " اه‍
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست