شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ٦
واعلم أن التصريف (1) جزء من أجزاء النحو بلا خلاف من أهل الصناعة، والتصريف - على ما حكى سيبويه عنهم - هو أن تبنى (2) من الكلمة بناء لم
(1) قول الشارح المحقق " واعلم التصريف جزء من أجزاء النحو ب خلاف من أهل الصنعة " نقول: هذا على طريقة المتقدمين من النحاة، فإنهم يطلقون النحو على ما يشمل التصريف، ويعرف على هذه الطريقة بأنه علم يعرف به أحكام الكلم العربية إفرادا وتركيبا، أو بأنه العلم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها، والمتأخرون على أن التصريف قسيم النحو لا قسم منه، فيعرف كل منهما بتعريف يميزه عن قسيمه وعن كل ما عداه فيعرف النحو بأنه علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء، وأما التصريف فيستعمل في الاصطلاح مصدرا واسما علما، فيستعمل مصدرا في تغيير الكلمة عن أصل وضعها، ويتناول هذا المعنى نوعين من التغييرات: الأول: تحويل الكلمة إلى أبنية مختلفة لضروب من المعاني لا تحصل الا بذلك التحويل، وذلك كتحويل المصدر إلى اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل واسم الزمان والمكان والآلة، وكالتحويل إلى التثنية والجمع والتصغير والنسب، والثاني:
تغيير الكلمة عن أصل وضعها لقصد الالحاق أو التخلص من التقاء الساكنين أو التخفيف، وذلك التغيير كالزيادة والحذف والاعلال والابدال وتخفيف الهمزة والادغام، ويستعمل التصريف اسما علما في القواعد التي يعرف بها أبنية الكلمة وما يكون لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وحذف وإبدال وإدغام وابتداء وإمالة، وما يعرض لآخرها مما ليس باعراب ولا بناء كالوقف والادغام والتقاء الساكنين، وهذان التعريفان غير التعريف الذي حكاه الشارح عن إمام أهل الصنعة سيبويه.
(2) قول الشارح " أن تبنى من الكملة بناء لم تبنه العرب الخ " نقول: يريد أن تأخذ من الكلمة لفظا لم تستعمله العرب على وزن ما استعملته ثم تعمل في هذا اللفظ الذي أخذته ما يقتضيه قياس كلامهم من إعلال وإبدال وإدغام، فإذا بنيت من وأيت مثل قفل قلت وؤى، فإذا خففت الهمزة بابدالها من جنس حركة ما قبلها صار وويا، فعلى أن قلب الواو الأولى همزة في مثل هذا واجب يقال: أوى، وعلى أنه جائز يقال: " أوى "، أو " ووى "، وإذا بنيت من وأيت مثل كوكب قلت:
ووأى، تعل الياء بقلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم تحذف الألف لالتقاء الساكنين، فإذا خففت الهمزة بنقل حركتها إلى ما قبلها ثم حذفها، فعلى القول بوجوب القلب في مثله يقال: أوى، كفتى، وعلى القول بعدم وجوبه يقال: أوى، أو ووى.